ما يحدث

عمال ميناء إيطاليا يوقفون سفينة سعودية محمّلة بالسلاح.!

عمال ميناء إيطاليا يوقفون سفينة سعودية محمّلة بالسلاح.!
عمال ميناء إيطاليا يوقفون سفينة سعودية محمّلة بالسلاح.!
في مشهد بطولي يعكس ضميرًا حيًّا وإرادة حرة، أقدم عمال ميناء جنوة في إيطاليا على منع سفينة الشحن السعودية "البحري ينبع" من متابعة رحلتها، بعد اكتشاف أنها محمّلة بشحنات من الأسلحة والذخائر، في طريقها إلى الكيان الصهيوني، بينما تعيش غزة تحت حصار خانق وعدوان دموي. 

هذا الفعل لم يكن مجرد إضراب عمالي اعتيادي، بل كان صرخة مدوية في وجه الظلم، وموقفًا أخلاقيًا لا يمكن تجاهله. لقد أدرك هؤلاء العمال البسطاء أن صمتهم يعني مشاركتهم في جريمة، وأن أيديهم لن تتلطخ بدماء الأبرياء.

لقد أعلن العمال الإيطاليون صراحة وبكل شجاعة : "لن نعمل من أجل الحرب". هذه الكلمات القليلة حملت في طياتها معاني عميقة من الإنسانية والالتزام بالمبادئ. في عالم أصبحت فيه المصالح الاقتصادية تتجاوز كل الاعتبارات الأخلاقية، جاءت هذه الخطوة لتثبت أن للضمير الإنساني صوتًا أعلى من صوت الربح والسلطة. 

إنها رسالة قوية من قلب أوروبا، تؤكد أن هناك من يرفض أن يكون أداة في يد آلة الدمار، وأن هناك من يؤمن بأن قيم العدالة والحق هي قيم عالمية لا تقتصر على شعب دون آخر.

هذه الخطوة الجريئة لم تكن فقط منعًا لصفقة سلاح، بل كانت فضيحة كبرى كشفت عن ازدواجية المعايير لدى بعض الأنظمة. لقد فضحت ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يقدّم نفسه راعيًا للأمة الإسلامية، ويسعى لتقديم صورة جديدة لبلاده على أنها منفتحة ومعتدلة، بينما أسلحته تُوجَّه نحو صدور الفلسطينيين. 

هذا التناقض الصارخ بين الخطاب السياسي والواقع المرير يكشف عن حقيقة مؤلمة، وهي أن بعض الأنظمة لا تتردد في التضحية بالقضية الفلسطينية من أجل مصالحها الخاصة وصفقات السلاح السرية. إنها لحظة تاريخية كشفت زيف الشعارات وأظهرت الوجه الحقيقي للمطبعين والخونة.

المشهد يذكّر بمقولة قائد المقاومة الفلسطينية يحيى السنوار : "ستفضح هذه المدينة كل المطبعين والخونة". وها هي النبوءة تتحقق، ليس من خلال فصيل مقاوم، بل من خلال عمال بسطاء على بعد آلاف الكيلومترات من غزة. 

إنها مفارقة مؤلمة ومذهلة في آن واحد؛ أن يأتي الفضح من الغرب، بينما بعض القادة العرب يلوذون بالصمت أو يشاركون في الجريمة بشكل مباشر أو غير مباشر. 

هذا الموقف البطولي من عمال جنوة هو بمثابة صفعة على وجه كل من يظن أن القضية الفلسطينية مجرد ورقة يمكن المتاجرة بها، أو أن دماء الأبرياء يمكن أن تضيع هباءً.

إن ما قام به عمال جنوة هو إضاءة على حقيقة أن الكرامة ليست حكرًا على الشعارات، بل هي فعل يومي، وموقف يتخذ في اللحظات الحاسمة. 

لقد اختاروا أن يكونوا في الجانب الصحيح من التاريخ، مع الحق والعدالة، ضد الظلم والعدوان. هذه الحادثة تؤكد أن التاريخ لن ينسى من وقف مع الحق، كما لن ينسى من باع القضية في صفقات السلاح والتطبيع. ستبقى أفعالهم منارة تهدي الأحرار في كل مكان، وتذكرهم بأن مسؤولية الدفاع عن المبادئ لا تسقط بالمسافات أو الحدود، وأن الإنسانية الحقة هي أن ترفض أن تكون شريكًا في جريمة، حتى لو كانت العواقب صعبة.

من خلال هذا المقال "عمال ميناء إيطاليا يوقفون سفينة سعودية محمّلة بالسلاح.!". فإن قصة عمال جنوة ليست مجرد خبر عابر، بل هي درس في الإنسانية والالتزام. إنها تذكير بأن الشعوب، بوعيها وإرادتها، هي التي تصنع التاريخ، وأن صوت الحق، وإن بدا خافتًا في بعض الأحيان، سيظل أقوى من كل آلات الحرب وأبواق التطبيع. لقد كتب هؤلاء العمال البسطاء فصلًا جديدًا في كتاب النضال من أجل الحرية والعدالة، وأثبتوا أن غزة ليست وحدها، وأن قضيتها هي قضية كل إنسان حر وشريف في هذا العالم.
تعليقات